في ظلّ هذا التطور الكبير ومع مرور الوقت وتعاقب الأجيال تغيرت بعض المفاهيم والمصطلحات ومن بينها مفهوم الزواج، فكان الناس على مدى عقود أو حتى قرون يتعرفون على شركاء حياتهم عن طريق المعارف والأصدقاء المشتركين، ولكن منذ ظهور الإنترنت بدأت هذه الطريقة التقليدية تفقد قيمتها وأهميتها ويُنظر إليها على أنها بالية، فوفقاً لنتائج آخر الدراسات تجد أنّ التعارف عبر الإنترنت هو ثالث الطرق الأكثر شيوعاً للزواج بين الرجال والنساء ،كما كشفت نفس الدراسة أنّ التعارف عبر الانترنت لا يغير فقط بنية المجتمع بل إنّ العلاقات من خلاله تدوم لفترة أطول!
كيف غيرت مواقع التعارف طرق الزواج
ماهي مواقع التعارف وكيف استطاعت تغيير طرق الزواج وإقناع الناس باستخدامها؟
كانت خطوات التواعد والتعارف على الجنس الآخر مختلفة تماماً قبل عقد أو عقدين من الزمن فكانت أبسط وأكثر تقليدية حيث كان الإنسان العربي يعيش في وضعية العادات والتقاليد القديمة التي تفرض على البنت الزواج من الرجل من دون التعرف على بعضهم البعض بشكل كافي، وهذا ما أدّى إلى العديد من المشاكل التي انتهت بالانفصال، أمّا اليوم فلا داعي لذلك فبوجود التكنولوجيا تغير أسلوب التعارف بشكل كبير حيث يمكنك العثور على شريك يشاركك نفس الاهتمام وفيه نفس الصفات التي تبحث عنها وذلك عن طريق مايدعى مواقع التعارف عبر الإنترنت.
(تشير أحدث الدراسات أنّهُ من بين كلمات البحث العشر الأكثر شيوعاً على محرك البحث غوغل تعود سبعة منها إلى مواقع التعارف) وهي عبارة عن تطبيقات أو مواقع الكترونية تتيح فرصة التعارف عن طريق إدخال بيانات الشخص ومعلوماته الشخصية والصفات التي يبحث عنها في شريك حياته، وتكون مهمتها انتقاء الشخص المناسب والأقرب للوصف ووصل الطرفين مع بعضهما ومن ثمَّ إمّا أن يتفق الطرفان ويكملان أو أن تفترق طرقهم بكل هدوء وصد.
وبحسب دراسة إحصائية عن استخدام الإنترنت في العلاقات العاطفية أكّد مايقارب ربع المشاركين في الدراسة أنهم وجدوا الحب وبنوا علاقات عاطفية باستخدام مواقع التعارف عبر الانترنت والملفت للانتباه في نتائج هذه الإحصائية أنَّ الأرقام تبين ازدياد متسارع في نسبة الذين يستخدمون الإنترنت لإيجاد شريك الحياة فقد تضاعفت نسبة مستخدمي مواقع التعارف ثلاث مرات منذ عام 2008.
ولكن من جهة أخرى انتشار مواقع التعارف واستخدامها كوسيلة للزواج يعتبره البعض جنوناً ويروا أنّه من المستحيل النجاح والاستمرار بالعلاقة وسيكون مصيرها الفشل والطلاق، وذلك لأنّ بنظرهم مواقع التواصل تبقى وسيلة وهمية وغير آمنة، فقد تكون المعلومات الشخصية في ملف الشخص بعيدة كل البعد عن الواقع وحتى طريقة تفكيره وحقيقته لا تتضح إلّا من خلال اللقاء المباشر والحوار والمواقف، وبالفعل هذا ما أكّدته لنا دراسة تشير إلى نسبة الطلاق خلال عشر سنوات من الزواج ،فمن بين الذين التقوا بشركائهم عبر الإنترنت هنالك نسبة 17٪حالة طلاق مقارنةً ب 10٪ من الأزواج الذين التقوا من خلال العلاقات الاجتماعية المتبادلة، وكدليل آخر أيضاً أثبتت إحصائية أُجريت أنّ هناك 82٪ من الناس يكذب عند محاولته للتعرف على أشخاص عن طريق الإنترنت.
تجاربة سابقة للمستخدمين
لكي نعرف فيما إذا كانت هذه المواقع بالفعل مفيدة وتحقق طلب مستخدميها دعونا نلقي نظرة على تجارب بعض الأعضاء فيها:
-ياسمين من مصر تقول وصل عمري للأربعين ولم أتزوج بعد فدخلت موقع الزواج وتعرفت على رجل مطلق ولكنه بقمة الاحترام واللطافة والآن نحن متزوجان منذ ست سنوات.
-أحمد 30 سنة من السعودية مغترب في ألمانيا بعد رؤية ملفها الشخصي انجذبت لها وبدأنا بالتحدث معاً وعن طريق الصدفة أكتشف أنّها تحضّر نفسها للسفر لمتابعة دراستها في ألمانيا أيضاً، فكانت فرصتي في التعرف عليها عن قرب إلى أن تزوجنا بعد سنتين من التعارف.
-تقدمت بعضوية وفق شروط الموقع إلا أنها لم تلق اهتماماً وجدّية من قبل المراسلين حيث أنّ جميعهم يرغبون في التعارف وتكوين الصداقات وليس الزواج وإنشاء علاقة إسلامية صحيحة وعليه كانت تجربة فاشلة .
-تعرفت على أحد الأشخاص من خلال الموقع وعندما طلب مني أن نتقابل تردّدت كثيراً إلى أن وافقت في النهاية ،ولكن الذي حدث أنّهُ ضحكَ عليّ وأخذ مني أموالي ومقتنياتي الغالية ثمّ هرب.
-كانت نيتي إيجاد فتاة رقيقة متدينة على قدر مناسب من العلم والمعرفة وفعلاً من خلال موقع التعارف وجدتها وكانت كما أريد بالضبط، وبعد أن حصل الوفاق تقدّمت لخطبتها والآن نتجهز للزواج بإذن الله.
وبهذا نرى تعدد الآراء والتجارب بين فاشلة وناجحة ،وبحسب استطلاع أجراه معهد بيو للبحوث أكّد 53٪ من المشاركين أنّ التعارف عبر مواقع التواصل يتيح لهم إيجاد الشريك المناسب بصورة أفضل، في حين اعتبر 21٪ من المشاركين أنّ الأشخاص الذين يلجؤون للزواج عبر مواقع التعارف هم أشخاص يائسون في الحياة.
ختاماً نكون أوضحنا بصورة كافية وبإحصائيات موثوقة أثر مواقع التعارف على طرق الزواج في العالم العربي وكيف غيّرتها فيما يتماشى مع تطورات العصر ،مع ذكر أبرز هذه المواقع والميزات التي تتمتع بها و أيضاً آراء لبعض مستخدميها الناجحة منها والفاشلة ،وهذا بهدف تقديم أقصى فائدة بطريقة بسيطة غير معقدة وأسلوب واضح ومفهوم.