الصداع النصفي يعتبر واحد من أكثر الأمراض انتشارًا على مستوى العالم، يقدر عدد المصابين به بأكثر من مليار شخص أي أنه يفوق عدد المصابين بأمراض مثل السكري، والربو، والصرع مجتمعين.
العالم الطبي، يعتبره واحد من التحديات الصحية التي تعصف بحياة الكثيرين من الأشخاص لما له من تأثيرمباشر على شكل حياة المصابين به من الناحيتين الجسدية، والنفسية على حد سواء،فيكفي فقط أن تعتبره منظمة الصحة العالمية سادس سبب للإعاقة لنتخيل حجم المعاناة التي يمر بها المصابين به.
لذا في هذه المقالة عن الصداع النصفي سوف نلقي الضوء على ماهية الصداع النصفي، أسبابه، و أعراضه، وكذلك علاجه.
ماهية الصداع النصفي.
هو نوع من أنواع الاضطرابات العصبية، الأكثر شيوعاً بين النساء بنسبة ١:٣، يأتي على هيئة نوبات من الألم المستمر لعدة ساعات أو قد يمتد لمدة تصل إلى ثلاثة أيام ، عادة ما يكون الألم على هيئة نبضات في جانب واحد من الدماغ أو قد يمتد ليشمل الدماغ كلها.
وهوغير معروف السبب على وجه التحديد ولكن له العديد من المحفزات.
ومع ظهور الرنين المغناطيسي تأكد الباحثين أن المسبب للصداع النصفي هو خلل في النواقل العصبية في الدماغ ومن أهمها السيروتونين، وهو ما يؤدي إلى انتفاخ الأوعية الدموية ،لتبدأ نوبة الصداع النصفي، لهذا السبب تم تعريفه في البداية بأنه اضطراب عصبي.
أنواع الصداع النصفي.
الصداع النصفي له العديد من الأنواع التي تختلف في شدتها وأعراضها وبالتالي فهي تختلف في طريقة العلاج كذلك، أما عن أشهر أنواعه فهي كالأتي:-
-
الصداع التقليدي.
يعرف بهذا الاسم لأن المريض في الغالب ما يكون على علم بأنه سوف يمر بنوبة صداع نصفي وذلك لأن هناك أعراض تحذيرية تأتي للمريض قبل
الألم، أما عن العرض التحذيري فهو يعرف بـ الهالة أو الأورة وهي عبارة عن مجموعة من الأعراض العصبية ممثلة في بقعة عمياء في مجال الإبصار ، أو رؤية خطوط متعرجة، أو أضواء متلألئة بالإضافة إلى حدوث خدر في الوجه، أو تنميل في اليدين، وصعوبة في الكلام أو فهم الكلام وعادة ما تستمر أعراضها فيما يقرب من ٢٠ إلى ٦٠ دقيقة قبل بدء النوبة.
-
الصداع المعتاد أو الشائع.
هو من أكثر أنواع الصداع النصفي شيوعاً حيث يبدأ الألم مباشرة بدون أي علامات تحذيرية وهو يكون بدون الهالة أو الأورة.
-
الصداع المزمن.
يتميز هذا النوع باستمرار النوبة الواحدة فيما يقرب من ثلاث أيام، وعادة ما تتكرر النوبة من ثلاث إلي أربع نوبات في الشهر الواحد.
-
الصداع القاعدي.
وهو من أصعب أنواعه لما له من أعراض عصبية مرافقة للألم تلك الأعراض متعلقة بالجزء الخلفي من المخ بالتحديد مكان الشريان القاعدي أما عن تلك الأعراض فهي متمثلة في اختلال في التوازن، أو الدوار، صعوبة في الكلام أو فقدان مؤقت للنطق، طنين الأذن وسماع أشياء غير موجودة في الواقع، وكذلك ضعف في العضلات.
ذلك النوع من الصداع نادر الحدوث، ولكن في حالة حدوثه فالمريض يكون بحاجة إلى رعاية طبية عاجلة لتشابه أعراضه مع بعض الحالات الخطيرة.
أسباب الصداع النصفي.
إلى الآن لا نعرف سبب رئيسى للإصابة بالصداع، ولكن يعتقد أن هناك بعض العوامل التي قد تلعب دور في الإصابة وهي:-
-
العوامل الوراثية
يعتبر العامل الوراثي سبب من أسباب الإصابة بالصداع ففي حالة إصابة أحد الوالدين ترتفع نسبة إصابة الأطفال إلي ٢٥٪،وفي حالة إصابة كلا الوالدين ترتفع نسبة الإصابة بين الأطفال إلى ٧٥٪، وقد لا يصاب الأطفال بالرغم من إصابة الوالدين ولكنها تكون بنسبة٢٥٪.
ينتشر الصداع النصفي بين النساء بصورة أكبر من الرجال بسبب التغيرات الهرمونية، فقد يلاحظ زيادة نوبات الصداع النصفي قبل وقت الدورة الشهرية أو أثنائها، وكذلك في فترة الحمل.
وفي حالة استخدام موانع الحمل الهرمونية قد تلاحظ السيدة زيادة نوبات الصداع النصفي، لذا في الغالب ما يوصي الأطباء بعدم استخدام موانع الحمل الهرمونية للسيدات المصابات بهذا النوع من الصداع.
-
التوتر والإجهاد.
التوتر والإجهاد النفسي أو البدني يمكن أن يكون سبب محفز للإصابة بنوبة الصداع.
-
اختلال دورة النوم.
النوم لفترات طويلة، أو عدم الحصول على وقت كافي من النوم، أو خلل جودة النوم في حد ذاته سبب من أسباب الإصابة بنوبة الصداع النصفي.
-
العوامل البيئية المحيطة.
أو ما يعرف بإسم محفزات الصداع وهي:-
١- أنواع معينة من الطعام والشراب مثل اللحوم المصنعة، الشيكولاتة، الكافيين، أو الكحول.
٢- الضوضاء العالية، أو تغير أنماط الطقس (الحر أو البرد)، وكذلك المجهود البدني الشديد المفاجئ، وبعض أنواع الروائح.
٣- بعض أنواع الأدوية مثل موانع الحمل الهرمونية، الإفراط في تناول المسكنات، أو بعض الأدوية التي تؤدي إلى توسيع الأوعية الدموية.
٤- التدخين.
كل ما سبق ذكره قد يؤدي إلى نوبة من نوبات الصداع لدى الأشخاص المصابين، لذا دائماً ما يوصي الأطباء بملاحظة الأسباب التي تؤدي إلى تحفيز نوبة الصداع والبعد عنها.
أعراض الصداع النصفي.
- الألم الشديد :عادة ما يبدأ الألم بالاحساس بنبض داخل الرأس ثم يبدأ الألم الشديد على إحدى جانبي الرأس، قد يمتد ليؤثر على كليهما.
- الحساسيةللضوءأو الصوت:معظم المصابين يعانون من حساسية شديدة للصوت والضوء خلال نوبة الصداع، لذا دائماً ما يميل المصابين إلي الجلوس في مكان مظلم بعيد عن أي أصوات عالية.
- الغثيان والقيء :قد يصاحب النوبة الإحساس بالغثيان وقد يحدث القئ بالفعل.
- الأعراض العصبية:مثل خدر وتنميل في الوجه واليد، فقدان التركيز و بطء الاستيعاب، صعوبة في الكلام، وكذلك اختلال التوازن والدوار.
- اضطرابات الجهاز الهضمي :قد يصاحب نوبة الصداع حدوث الإسهال، أو الإمساك عند بعض الناس.
- توتر وتشنجات في الرقبة.
تلك الأعراض سابقة الذكر تختلف في قوتها ومدتها من شخص لآخر، لذا لابد من معالجة الأعراض بشكل صحيح حتى لا تسبب نوبة الصداع التأثير على الحياة اليومية الطبيعية للمريض.
تشخيص وعلاج الصداع النصفي.
أولاً : التشخيص.
عادة ما يسأل الطبيب عن التاريخ المرضي للحالة، ومنذ متى بدأت الأعراض، وكذلك يسأل عن مدة الصداع ومدى شدته،وإذا كان هناك أي محفزات للصداع.
وفي حالة وجود بعض الأعراض العصبية المرافقة فيقوم الطبيب بإجراء بعض من الفحوصات مثل أشعة الرنين المغناطيسي، أو الأشعة المقطعية، أو رسم المخ حسب الأعراض المصاحبة، لاستبعاد أي أمراض أخرى قد تسبب نفس الأعراض.
ثم بعدها يستطيع الطبيب تحديد إذا ما كان الصداع نصفي أو غير ذلك وبناء عليه يتم تحديد الخطة العلاجية المناسبة.
ثانيًا :العلاج.
غَالِبًا تعتمد خطة العلاج علي نوع الصداع، ومدى شدته:-
- فهناك بعض أنواع العلاج التي تستخدم في ارتفاع ضغط الدم، وبعض أدوية الصرع، وبعض الأدوية المضادة للاكتئاب التي تعطي بجرعات مخفضة، تلك الأدوية السابقة أثبتت فعالية في علاجه
- وهناك العلاجات المتخصصة في علاج هذا النوع من الصداع مثل التريبتانات التي تساعد في تضييق الأوعية الدموية بالدماغ وتخفيف حدة الالتهاب.
- الأدوية المركبة: وهي عبارة عن مزيج من مسكنات الألم والكافيين لتحسين فعالية العلاج.
- أما في بعض الحالات الشديدة قد يلجأ بعض الأطباء إلى حقن البوتوكس للوقاية من نوبات الصداع ، أو حقن إرينوماب وهي تؤخذ تحت الجلد مرة واحدة في الشهر كذلك للوقاية من النوبات علي الأخص إذا كان من النوع المزمن.
- أما أن كان هناك بعض الأعراض العصبية المصاحبة مثل في حالة الصداع النصفي القاعدي يفضل اللجوء لطلب الرعاية الطبية بشكل سريع للتأكد من عدم وجود حالة طبية خطيرة وطارئة.
ومن الجدير بالذكر أن مريض الصداع النصفي يجب عليه إجراء تغيير على نمط حياته للحد من نوبات الصداع النصفي مثل :-
- تجنب محفزات الصداع.
- ممارسة الرياضة بانتظام.
- التغذية الصحية السليمة.
- الحفاظ على نوم منتظم.
في الختام، الصداع النصفي يعد أكثر من مجرد ألم في الرأس فهو يؤثر على جودة حياة الكثيرين حول العالم وبالرغم من أن الطب الحديث حقق تقدم ملحوظ في محاولة فهمه وعلاجه، إلا أن المسئولية تعتبر مشتركة بين المريض والطبيب.
المريض عليه دور كبير في نجاح خطة علاجه عن طريق البعد عن محفزات الصداع، وتناول العلاج الموصوف من الطبيب بشكل منتظم ليستطيع السيطرة على زمام الأمور وإدارة أعراض مرضه بنجاح.