مزايا وعيوب الحسابات التجريبية في سوق العملات الرقمية

شهد قطاع العملات الرقمية تناميًا متسارعًا في السنوات الأخيرة، مما حدا بالكثير من المتداولين الجدد إلى السعي للتداول في هذا القطاع الذي بدا مربحًا بشكل كبير، ولكن التقلب الكبير الذي تشهده العملات الرقمية ولّد الرغبة باستكشاف هذا القطاع وتعلم التداول فيه بطرق تحتمل مخاطر أقل، وهنا برزت أهمية الحسابات التجريبية على منصات التداول كخيار أساسي يقدم تجربة هامة تحاكي الواقع إلى حد كبير.

ورغم شعبيتها الكبيرة، لا يمكن تجاهل حقيقة أن لهذه الحسابات مزاياها وعيوبها، والتي لا بد من أخذه بالحسبان قبل الاعتماد عليها كوسيلة تعلم.

ما هي الحسابات التجريبية على منصات تداول العملات الرقمية؟

تُعرف الحسابات التجريبية (Demo) في سوق العملات الرقمية على أنها بيئة تداول تحاكي منصات التداول، حيث تتضمن هذه المنصات حسابات تمنح مستخدميها أرصدة افتراضية، وتوفر لهم واجهات تعرض أسعار العملات الرقمية والتغيرات التي تشهدها في الوقت الحقيقي، كما تقدم إمكانية تجربة مزايا المنصة وأدواتها وإجراء صفقات تحاكي التداول بأموال حقيقية دون تكبد خسائر حقيقية.

مزايا الحسابات التجريبية

التعلم بأمان ودون مخاطر:

تسمح هذه الحسابات للمتداولين المبتدئين بتجربة التداول من خلال حساب العملات الرقمية وإجراء الصفقات بأموال افتراضية دون الخوف من خسارة أموالهم ودون الحاجة حتى لإيداع أي أموال، ما يجعلها مثالية للمبتدئين لفهم أوامر البيع والشراء، والاطلاع على تقلبات السوق، وتأثير العوامل المختلفة كالأخبار والقرارات السياسية وغيرها على تقلب الأسعار، وتعلم كيفية تحليل هذه التأثيرات.

التعرف على منصة التداول:

تفتح الحسابات التجريبية الباب أمام المستخدمين للتعرف على واجهة المنصة، وتجربة أدوات التحليل، واستكشاف سرعة تنفيذ الأوامر. حيث تتجلى أهمية هذا الجانب في زيادة قدرة المستخدم على اتخاذ القرارات وتنفيذها في الوقت المناسب عند الانتقال إلى التداول عبر حساب حقيقي.

اختبار استراتيجيات التداول بأمان:

تعتبر هذه الميزة هامة جدًا، لأنها تمنح المستخدم القدرة على تجربة استراتيجيات التداول واختبار صحة تحليله للسوق، وملاحظة النتائج دون عواقب مالية، مما يجعلها بيئة مثالية لتطوير الاستراتيجيات والمهارات في مجال التداول بالعملات الرقمية.

عيوب الحسابات التجريبية

غياب التأثير العاطفي والضغط النفسي:

رغم التقارب بين الحساب التجريبي والتداول الواقعي، إلا أن غياب التأثير النفسي للخوف من الخسارة يجعل التجربة منقوصة، حيث تلعب العوامل النفسية مثل الخوف والطمع دورًا هامًا في التأثير على قرار المتداول، وهو أمر مغيب في حالة الحساب التجريبي.

اختلاف سرعة التنفيذ:

في بعض الأحوال، تختلف سرعة تنفيذ الأوامر في الحسابات التجريبية عنها في التداول الحي، خصوصًا في أوقات التقلب الحاد، الأمر الذي يخلق انطباعًا خاطئًا لدى المتداول عن أداء المنصة على أرض الواقع.

نتائج غير متوقعة للاستراتيجيات والتحليلات:

بسبب غياب الضغط النفسي، واختلاف ظروف التداول التجريبي عن السوق الحقيقية، قد تكون نتائج اختبار الاستراتيجيات والتحليلات مضللة، لذا ينصح بعدم اعتماد هذه النتائج مرجعًا قطعيًا لاعتماده في السوق، والاكتفاء باستخدام الحساب التجريبي كأداة للتعلم وحسب.

الانتقال من حساب تجريبي إلى حقيقي

ينصح مستخدمو الحسابات التجريبية عمومًا باستخدامها لفترة كافية لتعلم مهارات التداول وتحليل السوق، حيث يفضل التعامل مع الحساب التجريبي على أنه حقيقي لتغليب العواطف الحقيقية والضغط النفسي، كما ينصح بالتداول بنفس المبلغ الذي ينوون التداول به عند الانتقال إلى الحساب الحقيقي، بالإضافة إلى العديد من النصائح الأخرى التي يجب مراعاتها قبل الانتقال إلى حساب حقيقي، لأن المستخدمين يتأثرون غالبًا بممارساتهم في الحسابات التجريبية، وقد يتحول هذا التأثر إلى مصدر لأخطاء كبيرة في العالم الحقيقي إذا كانت الفجوة كبيرة بين ممارساتهم ومتطلبات سوق العملات الرقمية.

فمثلًا: يبدأ الكثير من المستخدمين تداولهم برأس مال افتراضي يصل إلى مئة ألف دولار أمريكي، ويدخلون في صفقات افتراضية بمبالغ قد تصل إلى خمسة آلاف دولار، في حين أنهم يعتزمون خوض غمار السوق الحقيقي بمبالغ أقل من هذه بكثير، وهو أمر يجعلهم معرضين لارتكاب أخطاء كبيرة قد لا تحمد عقباها.

نصائح ختامية للمتداولين الجدد:

يجب على المتداول إدراك أن الحسابات التجريبية هي أداة تعليمية ممتازة لكل من يرغب ببدء رحلته في سوق العملات الرقمية، لأنها تفتح الباب أمامه لفهم السوق وأدوات التحليل والمعاملات التجارية دون المخاطرة برأس مال حقيقي. ومن جانب آخر، يجب فهم حدود هذه الحسابات، فعلى الرغم من أنها تمنح نظرة حقيقية لحال السوق، إلا أن التعاملات والاستراتيجيات المطبقة فيها افتراضية بالكامل وقد تختلف من حيث النتائج عن مجريات السوق الحقيقية، ولذلك يجب عدم الإفراط في الاعتماد عليها، بل الاستفادة مما تقدمه من الناحية التعليمية بعد جمعه مع التدريب الواقعي المدروس للخروج بخبرة عملية وتجربة تداول ناجحة ومتزنة.